حصل نحو 5.7 ملايين موظف بالجهاز الحكومي في مصر على زيادة بنسبة 15% من الراتب الأساسي عن أبريل/نيسان الماضي بعدما أقر وزير المالية سمير رضوان هذه الزيادة التي تقدر بنحو 4 مليارات جنيه (نحو 677 مليون دولار) تتحملها الخزانة العامة للدولة.
لكن على الجانب الآخر، يظل مردود هذه الزيادة محدودًا على مستوى المعيشة للعاملين بالجهاز الحكومي، نظرًا لموجات الغلاء التي تشهدها أسعار السلع في الأسواق المصرية. فما إن تهدأ الأمور لسعر سلعة معينة ويتم توفيرها بالكمية والسعر المناسبين، حتى تظهر سلعة أخرى تشهد ارتفاعًا جنونيًا، وهو ما وضع الكثير من الأسر المصرية في وضع صعب للتوفيق بين دخولهم ومستويات الأسعار.
خلل سياسات
الترضية السياسية التي تم على أساسها زيادة الرواتب لا تعبر عن سياسة اقتصادية، فلا بد أن يُعلن عن الأسس التي تم عليها تحديد قيمة هذه الزيادة، خاصة أنها ليست زيادة ثابتة في رواتب العاملين بالدولة، وهذا ما ذهبت إليه أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة منال متولي.
وتساءلت عما ستقوم به الحكومة مع بداية العام المالي الجديد مع رواتب يوليو/تموز القادم، وهل ستتم زيادة الرواتب بالعلاوة السنوية التي تبلغ 10%؟
وطالبت منال بأهمية وجود معايير محددة لزيادة الرواتب مثل ربط الأجر بالإنتاجية، حتى لا تحدث موجات تضخمية تحد من الأثر الإيجابي لهذه الزيادة، وكذلك وجود رقابة حقيقية على الأسواق.
وتوقعت وجود تأثير محدود لهذه الزيادة على معدلات التضخم، لأنه في ظل عدم وضوح الرؤية حول المستقبل فسيتجه قطاع كبير من العاملين بالدولة نحو الادخار من أجل تأمين توفير الحد العادي من الاستهلاك. ولذلك لا بد أن تعكس سياسات الحكومة خلال الفترة المقبلة وجود حالة من التفاؤل والاطمئنان لدى أفراد المجتمع ليعودوا إلى ممارسة حياتهم الاقتصادية بشكل طبيعي.
وتطالب منال بأهمية الأخذ في الاعتبار أن المجتمع لا يتكون من العاملين بالحكومة فقط، فهناك قطاع خاص يشكل جزءا لا بأس به من قوى العمل، وعليه لا بد أن تنجز الحكومة مشروعها المتعلق بالحد الأدنى للأجور والذي سيستفيد منه العاملون بالقطاع الخاص بشكل كبير.
ولكن لا بد أن تكون هذه الزيادة مرتبطة بزيادة في الإنتاج، وإلا ستفقد قيمتها الاقتصادية في تحسين مستوى المعيشة ومواجهة التضخم.
طالب عبد المنعم بدور إيجابي للدولة في الرقابة غير المباشرة على الأسعار (الجزيرة نت)
غياب الرقابة
ويتفق أستاذ الاقتصاد بجامع الأزهر فياض عبد المنعم مع الأستاذة منال حول محدودية أثر هذه الزيادة على معدلات التضخم في السوق المصري، ولكن بسبب قلة قيمة هذه الزيادة وتأثيرها على حجم الاستهلاك.
وبسؤاله عن سبب زيادة معدلات التضخم الحالية في الأسواق والتي قدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بنحو 11.49% خلال مارس/آذار الماضي، أجاب عبد المنعم بأن أسباب التضخم الحالي في الاقتصاد المصري ترجع إلى جانب العرض الخاص بالسلع والخدمات نظرًا للأحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير. فقد تعطلت عجلة الإنتاج لنحو شهرين، ثم بدأت تعمل ببطء ولم تسترجع معدلاتها الطبيعية بعد, كما تعطلت حركة الاستيراد.
كذلك تعود أسباب التضخم إلى وجود احتكار في حلقة تجارة الجملة للعديد من السلع، وغياب الرقابة على الأسواق من حيث معرفة تكلفة وهوامش الربح للعديد من السلع.
ويطالب عبد المنعم بوجود دور إيجابي للدولة في الرقابة غير المباشرة على الأسعار لكافة السلع والخدمات، كما هو معمول به في اقتصادات السوق، فهناك شفافية في معرفة تكلفة إنتاج السلعة وكذلك هامش الربح، وعلى هذا الأساس تتم المعاملة الضريبية.
المصدر: الجزيرة