ياسر باعامر-جدة
لم تشهد مراكز التسجيل خلال التمهيد لانتخابات المجالس البلدية سوى إقبال ضعيف من الناخبين السعوديين، لكن حركة أخرى أكثر حيوية بدت في جانب المرشحين، الذين استعانوا بوكالات العلاقات العامة لترويج وتحسين صورتهم الذهنية أمام "المشهد الاجتماعي المحلي".
وكانت مراكز التسجيل قد بدأت باستقبال الناخبين يوم 23 أبريل/ نيسان الجاري وستستمر حتى 19 مايو/ أيار المقبل، تمهيداً لانتخابات المجالس البلدية الثانية المقررة يوم 24 سبتمبر/ أيلول.
وقال مسؤول بإحدى وكالات العلاقات العامة، ويدعى وائل كردي في حديث للجزيرة نت، إن شركات عربية وأوروبية وأميركية نشطت خلال فترة الانتخابات لتحظى بحصة من الكعكة المالية الضخمة التي تتجاوز عشرات الملايين من الريالات، الأمر الذي أرجعه كردي إلى "حداثة الانتخابات لدى الشعب السعودي".
من جهة أخرى، انتقد عضو مجلس بلدي سابق بإحدى المدن الرئيسية غربي السعودية بحديث للجزيرة نت إقبال المرشحين على مكاتب وكالات العلاقات العامة "دون وعي أو نضج فكري".
وأضاف العضو الذي تجنب الإفصاح عن اسمه أن تعاظم مصروفات المرشحين الإعلامية مُبالغ فيها قياسا إلى "مجلس منزوع الصلاحيات" مبرراً التعاقدات المالية مع تلك المكاتب "بهدف الوجاهة الاجتماعية والمصالح الشخصية" ومهاجماً وكالات العلاقات العامة العاملة بالسعودية بأنها "غير احترافية، وليست لديها خبرة تراكمية حقيقية في هذا المجال" وفق قوله.
مصروفات مشروطة
وفي سياق متصل، أشار أخصائي العلاقات العامة وليد البيساني إلى أن "الحظوظ المالية خلال الأشهر الخمسة المقبلة ستكون عالية" مضيفاً أن التقدير المالي الذي يمكن أن يدفعه المرشح للوكالات الإعلامية لتلميع صورته قد يصل إلى نحو 150 ألف دولار أميركي، موضحاً أن المبلغ قابل للزيادة ليصل إلى ضعف المبلغ السابق، في حال إعداد البرامج الانتخابية من قبل الوكالة.
وأفاد صحفي تابع لإحدى الصحف السعودية -فضل عدم ذكر اسمه- أن هناك صفقات تجري بين المرشحين والصحفيين خلال فترة الحملات الانتخابية، موضحا أنها تعد بالنسبة للصحفيين "صفقات مالية رابحة" حيث توكل إليهم مهمة إدارة الحملات الإعلامية وكتابة التقارير الصحفية.
كما كشف الصحفي المذكور للجزيرة نت أنه تلقى مبلغ ستة آلاف دولار مقابل "تلميع صورة مرشحه".
وأكد أيضاً وجود ما أطلق عليه "اختراقات من قبل وكالات العلاقات العامة للمؤسسات الصحفية، عبر تمرير أخبار مرشحيهم نظير مبالغ مالية تقدم للصحفيين تتراوح ما بين مائتين وستمائة دولار للتقرير الواحد" وهو أمر لم ينكره أحد أخصائي العلاقات العامة الذي ذكر أن الوكالات تضع ذلك في حسبانها عند إعداد الميزانية المالية للمرشحين.
يُذكر أن الجهات الرسمية لم تبد ممانعة من لجوء المرشحين إلى تلك الوكالات، لكنها حظرت نشر أي مادة صحفية عن المسجلين في قيد الترشيح يوم الاقتراع وما بعده، وفقاً لإفادة عضو اللجنة الانتخابية عبد العزيز النهاري بحديثه للجزيرة نت.
دفاع عن الوطني
على الصعيد نفسه، علق وائل كردي، وهو مسؤول بإحدى الشركات العاملة بمجال العلاقات العامة، على هذه الظاهرة بقوله "أكثر المرشحين يجهلون أن الإبراز صناعة تحتاج إلى مهارات مهنية، فقد رأينا عددا كبيرا منهم يتطلعون إلى النجومية خلال أسبوعين أو شهرين، كما ينفقون ملايين الريالات للتعريف بمشروعهم الانتخابي من خلال مقرات انتخابية فارهة، ومطبوعات ثمينة، وولائم عشاء فاخرة، وهدايا مغرية، وكل ذلك تخبط".
وأرجع كردي -الذي سبق له الإشراف على عدد من الحملات الإعلامية بالانتخابات الماضية عام 2005- ما أسماه التخبط لدى المرشحين إلى "تسليم الحملات الانتخابية إلى أفراد غير محترفين، أو إلى شركات أجنبية لا تستوعب ثقافة البلد".