نفت وزارة الخارجية الباكستانية أي معرفة مسبقة للحكومة الباكستانية بالهجوم الأميركي الذي استهدف مجمعا كان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن موجودا فيه، وسط أنباء عن عزم الإدارة الأميركية نشر صور لرمي جثته في البحر، بينما اعتبرت حركة طالبان أن تأكيد مقتله سابق لأوانه.
وقال بيان للخارجية الباكستانية إنه لم يكن لدى قيادتها المدنية أو العسكرية أي علم مسبق بالعملية، وأن الولايات المتحدة لم تستخدم أي قاعدة جوية باكستانية لانطلاق طائرات نفذت الهجوم على المجمع الذي كان يقيم فيه بمدينة إبت آباد قرب العاصمة.
وأشار البيان إلى أن الاستخبارات الباكستانية تطلع وكالة الاستخبارات الأميركية على معلومات عن المجمع السكني منذ عام 2009، وإلى أن الولايات المتحدة اعتمدت على هذه المعلومات لتحديد مكان بن لادن.
كما انتقدت الهجوم الذي قالت إنه تم دون إذن منها، واعتبرت أن "مثل هذه الأعمال غير المصرح بها" يمكن أن تهدد السلام العالمي.
وفي هذا الشأن، نقل مدير مكتب الجزيرة في إسلام آباد أحمد زيدان تساؤلات خبراء عسكريين عن كيفية تمكن المروحيات الأميركية من تحاشي نقاط الرادار الباكستانية، وعن سبب عدم اعتراضها رغم ما قيل إن طائرات جت عسكرية أقلعت خلفها ورغم استمرار العملية لنحو 40 دقيقة.
تناقض الروايات
وفي واشنطن نقل عن مسؤول في المخابرات الأميركية أن الولايات المتحدة نفذت العملية بشكل منفرد ولم تخطر أيا من شركائها في مجال مكافحة الإرهاب سلفا.
لكن هذه المعلومات تتناقض مع تأكيد الخارجية الأميركية أن التعاون مع باكستان هو الذي ساعد على الوصول إلى مخبأ بن لادن. كما أكد المدير العام للاستخبارات الداخلية الباكستانية الفريق أحمد شوجا أن إسلام آباد شاركت مع القوات الأميركية في العملية.
وبعد ساعات من إعلان مقتل بن لادن، تساءل أعضاء في الكونغرس الأميركي كيف استطاع زعيم القاعدة أن يعيش في منطقة مأهولة بباكستان لسنوات دون أن يعلم بأمره أحد.
وقال بعض هؤلاء المشرعين إن الوقت قد حان لمراجعة المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تقدمها الولايات المتحدة لباكستان والتي تبلغ مليارات الدولارات.
تفاصيل جديدة
وفي آخر التفاصيل التي كشفتها واشنطن عن العملية، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني اليوم الثلاثاء إن بن لادن لم يكن مسلحا عندما اقتحمت القوات الأميركية الخاصة منزله، لكنه قاوم قبل أن يقتل رميا بالرصاص.
وقال كارني إن زوجة بن لادن "دفعت المهاجم الأميركي" وأصيبت في ساقها، لكنها لم تقتل خلافا لما ذكره مسؤول في البيت الأبيض أمس الاثنين.
ورفض كارني تقديم مزيد من التفاصيل عن سلوك بن لادن أثناء الهجوم، لكنه قال إن المقاومة لا تستلزم سلاحا ناريا.
وأضاف "توقعنا مقاومة كبيرة وواجهنا مقاومة كبيرة، وكان هناك الكثير من الأشخاص المسلحين في المجمع".
وفي تفاصيل سابقة، قال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان إن جثمان بن لادن غسل وكفن وتليت عليه آيات من القرآن الكريم.
وأشار إلى أن مراسم تشييع بن لادن على متن حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون استغرقت نحو ساعة تقريبا، ثم وضع في حقيبة بها أثقال وألقي في بحر العرب.
وقال مسؤول أميركي إن لدى الولايات المتحدة تسجيلا مصورا لعملية إلقاء الجثمان في البحر، بينما ذكر مسؤول آخر إن 23 طفلا وتسع نساء كانوا مع بن لادن في المنزل الذي قتل فيه.
وذكر مسؤول أميركي فضل عدم الكشف عن هويته أن الولايات المتحدة ربما تنشر في وقت لاحق اليوم الثلاثاء صورا لعملية رمي أسامة بن لادن في البحر، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد.
وكان البيت الأبيض نشر سلسلة من الصور يبدو فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع مسؤولين آخرين من إدارته ومستشاريه وهم يتابعون سير العملية التي قتل فيها بن لادن، لكنها لم تنشر حتى الآن صورا للعملية.
كما نشرت وزارة الدفاع رسما توضيحيا وصورا للمجمع السكني الذي قتل فيه، لكن نوابا في الكونغرس طالبوا بتقديم دليل للرأي العام العالمي على مقتل زعيم تنظيم القاعدة.
حركة طالبان
وفي أول تعليق لها على الرواية الأميركية والباكستانية، قالت حركة طالبان الأفغانية في بيان أرسل إلى وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني إنه "نظرا لأن الأميركيين لم يقدموا أي دليل مقبول يدعم مزاعمهم، ونظرا لأن المساعدين المقربين من أسامة بن لادن لم يؤكدوا أو ينفوا مقتله، تعتبر الإمارة الإسلامية أن أي تأكيد سابق لأوانه".
وكانت حركة طالبان باكستان قد هددت بشن هجمات على أعضاء الحكومة والجيش الباكستانيين وعلى الولايات المتحدة بعد الإعلان عن مقتل بن لادن. كما جاءت تهديدات من أعضاء في منتديات جهادية بالانتقام إذا كان صح خبر مقتله.
ردود أفعال
من جهتها، أدت جماعة لشكر طيبة في لاهور صلاة الغائب على روح بن لادن، وطلب مؤسس الجماعة حافظ محمد سعيد من المسلمين الصبر، معتبرا أنه "ساعد على صحوة العالم الإسلامي" وأن "استشهاده" لن يكون دون جدوى.
أما جماعة الإخوان المسلمين في مصر فاعتبرت أنه بمقتل بن لادن أزيل أحد أسباب العنف في العالم، وتوقعت حدوث رد فعل عنيف على مقتله، وطالبت القوات الأميركية بالانسحاب من أفغانستان والعراق.
في المقابل، استنكر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة بغزة إسماعيل هنية قتل بن لادن، ووصفه بأنه "مجاهد عربي ومسلم" رغم الاجتهادات والاختلافات في الساحة العربية والإسلامية حول دور القاعدة.
وأدان شيخ الأزهر أحمد الطيب إلقاء جثة أسامة بن لادن في البحر، معتبرا أنه "يتنافى مع كل القيم الدينية والأعراف الإنسانية", وأكد أنه "لا يجوز في الشريعة الإسلامية التمثيل بالأموات مهما كانت مللهم ونحلهم" وأن "إكرام الميت دفنه".
ولا تزال ردود الفعل الرسمية تتوالى، إذ أبدت دول كثيرة ارتياحها لمقتله، وعد بعضها ذلك انتصارا للديمقراطية وبداية نهاية ما يسمى "الإرهاب"، في حين حذرت دول من أن هذا الحادث لا يعني نهاية الصراع مع القاعدة، وأعربت عن تخوفها من هجمات انتقامية، وأعلنت عن تشديد الإجراءات الأمنية.